بسم الله الرحمان الرحيم
حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية،
فخامة الرّئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتّحدة الأمريكية،
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ،
يُسعدني في البداية أن أتوجّه بأَسْمَــــى عبارات الامتنان والتقدير إلى أخي حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على تَكَرُّمِه بتنظيم هذه القمّة التاريخية الهامّة، مُعربا لحضرته عن عميق شكرنا وعرفاننا على ما حَظِينا به والوفد المرافق لنا من حفاوة استقبال وكرم وِفادة.
كما يطيب لي أن أرحّب بفخامة الرّئيس دونالد ترامب وأن أُجدّد تمنّياتي له بالنّجاح والتوفيق في سامي مهامّه، مُثمّنًا ما يُبديه من اهتمام بتعزيز علاقات الصّداقة والتّعاون والتّشاور بين الولايات المتّحدة الأمريكية والدّول العربيّة والإسلامية لـمُـواجهة التحدّيات المشتركة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ،
الحقيقة الثّابتة، أنّ مشاغلنا واحدة والمخاطر التي تُحْدِقُ بمنطقتنا تُمثّل تحدّيات مُشتركة، لا بدّ لنا أن نعمل سويّا من أجل مجابهتها حفاظا على استقرار بلداننا وحماية الأمن والسّلم الدّوليّين.
فالعالم اليوم يشهد في كثير من أجزائه أوضاعًا غير مسبُوقة من الاضطراب وانخرام الأمن بسبب استمرار النزاعات وتعدُّدِ بُؤر التوتّر وتنامي التّهديدات التي ما فَتِئَتْ تَستنزف مُقدّرات عدد كبير من البلدان وتُعيق مسارات التنمية فيها.
وقد أفرزت هذه الأوضاع الـمُؤلمة في منطقتنا خسائر فادحة في الأرواح ودمارا هائلاً في البُنى التحتية، فضلًا عمّا تسبّبت فيه من مآسٍ إنسانية متواصلة. وليس من المعقول أن تَظَلّ هذه المنطقة رَهِينةَ هذه الأوضاع الـمُتردِّية. فنحنُ مُؤْتَمَنُونَ على المصالح العُليا لبلداننا وضمان مُستقبل أبنائها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
لا يَخْفَى عليكم أنّ هذه الأوضاع المتأزمة في منطقتنا تُشكّل تُرْبَةً خِصْبةً للتطرّف والإرهاب والجريمة المنظّمة .وإذ نُثمّن عاليا الجهود المبذولة ضمن التحالفات الإقليمية والدّولية للتصدّي لآفة الإرهاب، فإنّنا نَدعُو إلى ضرورة مُواصلة العمل المشترك من أجل بلورة استراتيجية شاملة ومُوحّدة تنخرط فيها الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية.
وما لِقَاؤُنا اليوم بالمملكة العربية السعودية الشقيقة إلاّ دليل مُتجدّد على ما يَحْدُونا جميعا من عزم وإرادة صادقة لمواجهة الإرهاب ولإرساء عالمٍ أكثر أمنًا واستقرارا تَنْتصرُ فيه إرادة الحياة والبناء، وتسود فيه قيم التسامح والتضامن.
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ،
إنّ ظاهرة التطرّف والإرهاب تُعدّ دَخيلةً على بَلَدِنَا ومُجتمعنا. وقد أَوْلتْ الحكومة التونسية أهمية قصوى لمجابهتها لإنجاح تجربتنا الديمقراطية الناشئة وتحقيق تطلّعات شعبنا لمزيد من التنمية والازدهار. ونحن مُدركون أنّ الطريق إلى ذلك طويل، ومحفوف بالتحدّيات.
ورغم مَحدُوديّة مواردها فقد سخّرت تونس كلّ الإمكانيات المتاحة للتصدّي لهذه الظاهرة الخطيرة واستفادت كثيرا من دعم أشقائها وأصدقائها في هذا المجال ممّا مكّن من إحباط عديد المخطّطات الإرهابية وتحقيق مزيدٍ من الاستقرار في الوضع الأمني العام بالبلاد.
كما اعتمدنا استراتيجية وطنية لمكافحة هذه الظاهرة تقوم على مُقاربة شاملة مُتعدّدةِ الأبعاد تهدف إلى تحصين المجتمع ضدّ التطرّف من خلال تعزيز قِيَمِ الإسلام الـمُعتدل والـمُستَنير وتَجْذِير ثقافة الحوار والتسامح واحترام كلّ الأديان والمعتقدات، فضلا عن تجريم كافة أشكال التحريض على الإرهاب.
وبالتوازي مع ذلك، انخرطت تونس في دعم كلّ الجهود والمبادرات الرامية إلى محاربة الإرهاب على غرار انضمامها إلى التحالف الإسلامي لـمُحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وكذلك التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة ضدّ تنظيم "داعش" الإرهابي.
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ،
إنّ مُواجهة المخاطر والتهديدات العابرة للحدود، وخاصة آفة الإرهاب، يستوجب في اعتقادنا، الدَّفْعَ في اتجاه تسريع مَسَاراتَ التسوية السّياسية لمختلف الأزمات القائمة في المنطقة لا سيما إيجاد حلٍّ عادلٍ للقضية الفلسطينية واستعادة الأمن والاستقرار في كل من ليبيا وسوريا واليمن بما يُمكّن شعوب المنطقة من الخروج من الأوضاع الحالية الخانقة والتّفَرّغ للبناء والتنمية.
إنّ دِقّةَ المرحلة تقتضي مِنّا جميعا رصّ الصفوف وتكثيف الجهود، وتوفير كلّ سُبل التعاون بين دُولنا في مختلف المجالات الأمنية والاقتصادية والتنموية. والأَملُ يَحْدُونَا أن تُواصل الولايات المتّحدة الأمريكية تعزيز علاقات الصّداقة والشّراكة التي تربطها بالعالم العربي والإسلامي والاضْطِلاع بدورها الرِّيادِي في توطيد دعائم الأمن والسلم في منطقتنا والعالم.
وفي الختام، نُجدّد الإعراب عن وافر شُكرنا وتَقديرِنَا للمملكة العربية السعودية بقيادة حضرة خادم الحرمين الشريفين، وللولايات المتّحدة الأمريكية على هذه المبادرة، آملين أن نَتَوَفَّقَ في الخروج بقرارات وإجراءات عملية تُساهم في دفع علاقات التعاون والشراكة المتضامنة بين بلداننا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المكان : | الرياض |
التاريخ: | 21 ماي 2017 | شارك : |